الجمعة, مارس 29, 2024
آراء

نورالدين عمر: تعديل في الدعم أم وقف للتسليح ؟

25d9258625d9258825d825b12b25d825a725d9258425d825af25d9258a25d925862b25d825b925d9258525d825b1-7303137

حسب رواية الحكومة التركية قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضمانات لنظيره التركي رجب طيب أروغان بأن واشنطن أعطت تعليمات واضحة بوقف تسليم الأسلحة إلى وحدات حماية الشعب في سوريا، وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه الجمعة مع أردوغان، حسبما أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو. لكن البيت الأبيض أكد في بيان على أن دونالد ترامب أبلغ نظيره التركي رجب طيب أردوغان بالتعديلات العالقة المتصلة بالدعم العسكري الذي توفره لشركائها على الأرض في سوريا بعد الانتهاء من معركة الرقة حيث سيجري المضي نحو مرحلة إرساء الاستقرار لضمان عدم عودة مرتزقة داعش.
الرواية التركية تؤكد أن ترامب قرر وقف تسليح وحدات حماية الشعب. لكن بيان البيت الأبيض يكذب هذه الرواية وتتضمن أربعة أمور أساسية هي :
1- إجراء تعديلات بالدعم العسكري لشركاء الولايات المتحدة الأمريكية على الأرض في سوريا قد يكون هذا التعديل ضرورياً بعد القضاء على عاصمة الخلافة المزعومة ومحاصرة مرتزقة داعش في جيوب متفرقة وضعيفة، وقد تكون هذه التعديلات لصالح شركاء الولايات المتحدة الأمريكية.
2- ذكر بيان البيت الأبيض «شركاؤنا على الأرض في سوريا»، أي بمعنى أن إدارة ترامب ما تزال تتطلع إلى الوحدات وقوات سوريا الديمقراطية كشركاء وليس كمليشيات و تنظيمات متطرفة. وهي بتأكيدها على كلمة شركائنا توضح أن الدعم سيستمر ولكن مع تعديلات حسب التطورات السياسية والميدانية.
3- ويذكر البيان «أن معركة الرقة انتهت و نمضي نحو مرحلة إرساء الاستقرار»، وهذه المرحلة تتطلب التركيز على مساعدة قوات سوريا الديمقراطية لضمان عودة أهالي المناطق المحررة وتقديم المساعدات لهم وإزالة الألغام ورفع الأنقاض وإعادة إعمار ما دمرته الحرب وتأمين سبل الحياة وإصلاح شبكات المياه والكهرباء والطرق وتدريب قوات محلية للحفاظ على الأمن و الاستقرار .
4- ويشير البيان إلى ضمان عدم عودة داعش وهذا يتطلب الدعم العسكري واللوجستي لبناء مراكز ونقاط دفاعية محصنة ضد الهجمات التي قد يشنها مرتزقة داعش.
باختصار سلطة العدالة والتنمية الحاكمة في تركيا تفسر الأمور حسب أمنياتها. وما يزال هاجسها الوحيد والأساس هو القضاء على نظام الفيدرالية في شمال سوريا التي ترى فيها خطراً على أمنها القومي. لكن الولايات المتحدة الأمريكية لها مصالح في سوريا والشرق الأوسط لن تتخلى عنها لإرضاء تركيا وهي مصالح تتعلق بدور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والنفوذ الإيراني في سوريا و العراق، ولذلك فمن المرجح أن تظل القوات الأميركية في سوريا وتستمر في دعم قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب لعدة أسباب لعل أهمها كون قوات سوريا الديمقراطية والتي تشكل وحدات حماية الشعب عمودها الفقري هي القوة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها في محاربة الإرهاب المتطرف، وهي القوات الأكثر اعتدالاً. وليس لدى الولايات المتحدة الأمريكية أي بديل آخر عن هذه القوات في سوريا. وتخلي الولايات المتحدة عن هذه القوات يعني تخليها عن كل مصالحها في سوريا لصالح المشروع الروسي والإيراني.
وتعترف الولايات المتحدة الأمريكية بوجود 2000 جندي أميركي من القوات الخاصة في سوريا ينسقون بشكل أساس مع وحدات حماية الشعب و قوات سوريا الديمقراطية، ولها العديد من القواعد العسكرية وهي كما كتبت عنها وكالة أناضول التركية ومن معلومات استخباراتية يبلغ عدد هذه القواعد 8 تتوزع في مناطق إقليم الجزيرة وإقليم الفرات والرقة وفيها المئات من «العسكريين المعنيين بتنسيق عمليات القصف الجوي والمدفعي للقوات الأمريكية، والضباط المسؤولين عن تدريب الكوادر العسكرية، والضباط المختصين في تخطيط العمليات، وكذلك وحدات عسكرية للمشاركة في أعمال قتالية»، وهذه القواعد سيتم إجراء تغييرات فيها حسب الحاجة، ومن المرجح أن تتحول إلى مركز لدعم تدريب المقاتلين والقوى الأمنية التي ستحمي المناطق المحررة حديثاً من داعش.
وأعتقد إن الولايات المتحدة الأمريكية لن تكرر خطأها كما حصل معها حينما سحبت قواتها من العراق عام 2011م الأمر الذي كانت نتيجته بسط سيطرة داعش على مناطق واسعة من العراق. ولكن ليس هناك مسار واضح حتى الآن لبقاء أو انسحاب القوات الأمريكية، و كل الخيارات ممكنة، لكن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والمحافظة على ما تحقق حتى الآن وتشكيل مناطق تنافس فيها النفوذ الإيراني وتشكيل مناطق خفض تصعيد أو مناطق محرمة حدودية، والمحافظة على مصداقيتها، وجعل مناطق تواجدها مثالاً يُحتذى به من ناحية الإعمار والرفاهية وحقوق الإنسان والأمن وأيضاً تحقيق حل سياسي للأزمة السورية، كل ذلك يتطلب بقاء تلك القوات لمدة زمنية أطول.
أعتقد أن انسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا غير وارد حاليا، لكن ما هي الخيارات الممكنة أمام القوى المؤثرة في سوريا؟ هل هو مزيد من التأزيم والصراع ؟ أم هو الوصول إلى حل توافقي يرضي الجميع؟
كل الخيارات مكلفة، وتواجه مخاطر وتحديات عديدة، والعديد من القوى تستغل الوضع وتستغل البعض من القوى السياسية السورية خدمة لمصالحها الإقليمية، لكن بالنهاية لا بديل عن حل توافقي يحقق طموحات كل المكونات في العيش المشترك عبر نظام ديمقراطي فيدرالي.
فهل ستختصر المكونات والقوى السياسية الممثلة لهذه المكونات الطريق؟ أم أن الصراع سيستمر لسنوات أخرى حتى يدرك الجميع أن الحل سياسي توافقي وليس عسكرياً أودكتاتورياً.

نورالدين عمر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *