محمد أرسلان: سوريا إلى صراعات جديدة عبر بوابة المناطق الآمنة
تشهد الحالة السورية في راهننا الكثير من التصريحات من قِبل اللاعبين الدوليين حول إقامة المناطق الآمنة في سوريا أو مناطق قليلة التوتر وكل يسميها حسب أهدافه ومخططاته لما بعد تطبيقها على أرض الواقع.
تم قبول هذه المبادرة من قبل تركيا وإيران وموافقة سوريا عليها، هذه المبادرة والموافقات السريعة عليها توحي على أن الجميع قد تناقش عليها وقبلها قبل أن يتم الإعلان عنها، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا في هذا الوقت ومن المستفيد؟
لطالما تم طرح فكرة إنشاء مناطق آمنة في سوريا تحت حجج كثيرة من قبل بعض الأطراف الإقليميين خلال الفترة الماضية إلا أنه لم يتم القبول بها حينها، لأسباب كثيرة وأهمها أنه لم يحن الوقت بعد لتطبيقها.
هذه الوصفة أنه “لم يحن وقتها”، طبعًا الوقت بالنسبة للاعبين الدوليين والكبار وأن أجنداتهم هي الأهم من أهداف الآخرين، حيث تم ما أرادوا هم وليس ما أراد السوريون، وتم الإعلان عن الاتفاقات بين النظام والمعارضة على نقل الفصائل والمجموعات المسلحة من بعض المناطق وتجميعهم في بوتقة معينة يسهل على القوى الدولية تسييسهم وتربيتهم وفق إرادتها هي وليس كما هم يتمنون ويأملون.
المناطق الآمنة التي يتم الحديث عنها اليوم وخاصة أن روسيا ستقدمها كمقترح في اجتماع استانة، هو مشروع امريكي منذ فترة وخاصة أثناء فترة الانتخابات الأمريكية تم طرح هذه الفكرة أثناء الحملات الانتخابية الأمريكية، وكذلك طرحتها تركيا بغض الطرف أن أهدافها في الشمال السوري.
المشروع المتفق عليه أمريكا وروسيًا وقبول تركيا وايران وسوريا به، يعني أن الأزمة السورية ستدخل مرحلة جديدة من الصراعات بين الفصائل المتواجدة على الأرض والمؤامرة بالقوى الإقليمية الدولية، خاصة أن الأماكن المقترحة للمناطق الآمنة وهي أربعة تثير الكثير من التساؤلات والشكوك في إمكانية تطبيقها.
المناطق المقترحة هي إدلب وشمال حمص وجنوب سوريا والغوطة الشرقية، وستكون تحت إشراف دولي واقليمي وضمان تركي وروسي وايراني وامريكي الذي هو اللاعب الأكبر وكابتن الفريق.
أيًا كانت المناطق المزمع انشاؤها علينا أن نعلم أن الحرب الأمنية والاستخباراتية ستكون في الواجهة من الآن وصاعدًا وكل طرف سيعمل على تشتيت أو اشعال الفتنة في الطرف الآخر لتحجيمه والقضاء عليه في نهاية المطاف.
وهذا المتوقع في ظل عدم وجود الثقة بين كافة الأطراف المتنازعة الرئيسية منها إن كانت المعارضة أو النظام من جهة، وبين فصائل المعارضة بحد ذاتها أيضًا. خاصة أن الاشتباكات الدائرة الآن في الغوطة الشرقية تثبت ذلك أن هذه الفصائل ستتجه للاشتباكات الداخلية وتصفية بعضها البعض.
معظم الفصائل المتصارعة في سوريا لا تمتلك رؤية ثورية أو مشروع مستقبلي فكري يضمن شكل سوريا السياسي المستقبلي، حينها ستلتفت هذه الفصائل على التنازع على المساعدات الإغاثية والهيمنة على سلطة القرار.
وندرك أن المناطق الآمنة ستفرض على الفصائل العسكرية نزع الأسلحة والاهتمام بعملية الإعمار والإغاثة والأمور السياسية مع غياب تام لأي مشروع يحفظ الأمن للمدنيين الذين سيتم جلبهم إلى هذه المناطق، وهنا يطرح السؤال نفسه هل من الممكن تكرار تجربة صربيا في سوريا.