الجمعة, مارس 29, 2024
القسم الثقافي

آثار منبج.. ذاكرة تختزن التاريخ

حاوره/ آزاد الكردي –

في الجزء الثاني من اللقاء مع الخبير الأثري في مديرية الآثار بمدينة منبج وريفها عبد الوهاب الشيخو. وعن تاريخ منبج واهميتها كان حوارنا كالتالي:

ـ على الرغم من المكانة الأثرية التاريخية لمدينة منبج إلا أنها بقيت من ضمن المدن المنسية، بم تعلل ذلك، وما دوركم بمديرية الآثار تجاه هذا الأمر؟

اتفق معك بهذا الأمر، فالمخزون التاريخي الهائل من الكنوز الأثرية لا يعبر بأي حال عن الاهتمام من قبل الجهات المختصة بذلك. وما تم الإشارة إليه سابقاً من أهمية تاريخية وقدسية للمدينة في الفترة اليونانية والرومانية الوثنية والمسيحية، وخصوصاً الأسقفية الأولى للمسيحية. ولا شك تعتبر مدينة منبج من المدن المنسية؛ وهذا ما تجسده الكوارث الطبيعية من جهة والتعديات البشرية من جهة أخرى على سور المدينة والأبنية الدينية الهامة وعلى التخطيط الشطرنجي في الفترة اليونانية القديمة، وهي لا تعكس بجلاء أهمية العناية بهذه الآثار.

بيد أن مديرية الآثار بمدينة منبج حرصت كل الحرص على تفادي ذلك بالتعاون مع الجهات المختصة بالإدارة المدنية لا سيما بلدية الشعب من خلال النهضة العمرانية التي تشهدها على نطاق واسع من أجل منع إعطاء رخص أبنية إلا بعد القيام بكشف أولي وتعيين مراقبين لدراسة التربة والصخور والسويات الأثرية والطبقات التي طالت سور المدينة والأبنية الدينية والمدنية والتخطيط الشطرنجي. كما نقوم بجولات مستمرة بين الفينة والأخرى للاطلاع على واقع الأثري لهذه المواقع ومدى سلامتها البنيوية كاملة.

 ـ هناك مصادر تاريخية عدة، تؤكد أن الديانة المسيحية انتقلت إلى أوروبا عن طريق مدينة منبج، ما قولكم بصحة هذه المصادر والحقائق؟

بالطبع، هنالك خلط بين الفترة الوثنية التي كانت تنتشر في مدينة منبج من عبادة هيرا وزيوس وأفروديت وأبولون وعشتار أثناء حكم السلوقيين على سوريا ومدينة منبح على الأخص باعتبارها مصادر ثانوية نحو 248سنة ق.م لكن علم الآثار يعتمد على الشكل المادي لمدونات اللغة الأثرية بما فيها التماثيل التي كانت تنحت كنحت الوجوه والمصكوكات والقطع النقدية التي تعتبر دليل مادي عن الحضارات والأباطرة والمعابد.

يعود الفضل للإمبراطور قسطنطين الذي أمر بتحويل بيزنطة إلى روما الجديدة ليعلن لاحقاً في عام 330 أنّها كانت العاصمة الرسمية الجديدة للإمبراطورية، واعتمادها الديانة المسيحية؛ كديانة رسمية للدولة في عام 313 م واهتم ببناء الكنائس والاعتراف بحقوق المسيحيين في ممارسة الطقوس والشعائر، وتصريح تملك الأراضي في عام 325م، واستقدام الأسقف أفركيوس من منبج إلى روما الجديدة.

ـ هناك عمل ضخم لكادر مديرية الآثار كاملاً للحفاظ على موروث المدينة، وأنت أحد أعضاءه، ما أبرز أعمالكم حالياً؟

عملت مديرية الآثار بمدينة منبج وريفها على توثيق وأرشفة وتصوير المواقع الأثرية وإبراز التعديات التي طالت هذه المواقع، والعمل على ترميم المواقع التي تم التعدي عليها في مدينة منبج؛ كموقع الكنيسة السريانية الواقعة في الطرف الشمالي؛ بالقرب من منطقة الصناعة. وتجدر الإشارة أن هذه الكنيسة عملت بها من قبل البعثة السورية الفرنسية المشتركة في عام 2009 وأجرت العديد من الدراسات والأبحاث، بيد أن مرتزقة داعش في مدينة منبج تعدت على هذه الكنيسة وجرفها جرف جائر بمعدات ثقيلة حتى البنية التحتية الإنشائية، وتم توثيق هذه التعديات كاملة. وكذلك في الطرف الغربي من الكنيسة كانت هناك لوحات فسيفسائية أسطورية تعود إلى الفترة اليونانية، تم التعدي عليها وتهشيم وجوه اللوحة الرئيسية الأساسية التي تتحدث عن ملحمة صيد في الفترة اليونانية. كما تم الكشف عن عدة لوحات وتوثيقها وأرشفتها ودراستها وإجراء منصة لحماية هذه اللوحات من العوامل الطبيعية ومن السرقة أيضاً وتعيين حراسة 24 ساعة.

 كما تم الكشف على التعدي على منطقة مهمة تعود إلى فترة الديانة المسيحية السرية والصريحة في فترة الرومان وتواجدهم في مدينة منبج. وعموماً هذا الموقع يتحدث عن فترة الدعوة السرية في ظل الرومان وإظهار الشكل المدفني للموقع وطرق الدفن والطقوس والشعائر التي كانت تتم عبر الدياميس تحت الأرض وكان له مدخل من الطرف الجنوبي ومدخل من الطرف الشمالي، وهذه المواقع الأثرية في فترة انتشار المسيحية تحولت إلى مزارات وإلى تجمعات سكنية.

كما تم إجراء العديد من الدراسات والأبحاث على قلعة نجم الأثرية ودراسة التبدل الذي حدث في القلعة وراميات السهام وكذلك زراعة أشجار في محيط القلعة في الطرف الجنوبي وتوثيق المواقع الأثرية داخل المدينة. وفي الريف تم تعيين حراس لتلك المواقع الأثرية وإجراء الدراسات والأبحاث والتعديات لتلك المواقع الأثرية، منها موقع أم السرج الأثرية ودور دادا والصيادة والتلال وشاش حمدان.

روناهي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *