الجمعة, أبريل 26, 2024

نورالدين عمر: تركيا و إستراتيجية ترامب الجديدة

آراء
25d9258625d9258825d825b12b25d825a725d9258425d825af25d9258a25d925862b25d825b925d9258525d825b1-7303137

كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إستراتيجية إدارته للأمن القومي خلال خطاب ألقاه يوم الإثنين 18 كانون الأول،ركزت على أربعة محاور رئيسية،هذه على الأقل علنيا،أما ما هو مخفي فربما يكون ألاهم،و لكن ما هو المعلن هي :
1- حماية الولايات المتحدة من المخاطر التي تهددها و متعلقة ب : حماية الحدود و تنظيم الهجرة و محاربة المنظمات الارهابية و محاربة المخدرات و العنف في المجتمعات .و استهداف التهديدات قبل ان تصل إلى حدود الولايات المتحدة الأمريكية و نشر أنظمة صورايخ متعددة الطبقات لحماية الولايات المتحدة الأمريكية من خطر الصورايخ المضادة .
2- دعم الازدهار و تعزيز الرخاء الأميركي عبر تجديد الاقتصاد لصالح الشركات،و ضمان ان تظل أسواق الطاقة العالمية مفتوحة و تعزيز دور الولايات المتحدة الريادي في مجالات البحوث و التكنولوجيا و الإبتكار،و حماية الإبتكارات الأمنية الوطنية .و النجاح في المنافسة الجيوسياسية في القرن 21 .
3- الحفاظ على السلام من خلال إظهار القوة عبر إعادة بناء القوة العسكرية لضمان بقاءها في المرتبة الأولى عالميا،و استخدام جميع أدوات العسكرية و الدبلوماسية و المعلوماتية و الإقتصادية لحماية مصالح الولايات المتحدة الأمريكية،و تنشيط القدرات التي أهملت في مجالات عدة بما فيها الفضاء و الإنترنيت ، و الحفاظ على توازن القوى لصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المناطق الرئيسية من العالم بما فيها منطقة الشرق الأوسط.
4- توسيع النفوذ الأميركي في الخارج و تعزيز الازدهار،و تنافس الجهود الدبلوماسية و التنموية في مجالات متعددة بما فيها مجال المعلومات،و إيجاد فرص اقتصادية جديدة للأميركيين، و العمل على إقامة شراكات مع الدول لتعزيز اقتصاديات السوق الحرة و نمو القطاع الخاص و الاستقرار السياسي و السلام،و إظهار نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في السياسة الخارجية كقوة إيجابية تساعد على تحديد ظروف الازدهار و السلام ،و تنمية المجتمعات الناجحة .

و باعتبار إن تركيا بلد مهم من بلدان الشرق الأوسط،و له مصالح و تحالفات و إتفاقيات عديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية،و هو عضو في حلف شمال الأطلسي،بل إنه البلد الذي يملك اكبر جيش بعد الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الحلف،و يتمتع بموقع جيواستراتيجي مهم،و له دور مؤثر في القضايا الإقليمية،و بشكل خاص المتعلقة بالأزمة السورية و الصراع العربي الإسرائيلي،و كذلك الأزمة الخليحية الناشئة،و في الصراع المستمر بين إيران و حلفائها من جهة،و السعودية و حلفائها من جهة أخرى .من أجل كل ذلك فإن تركيا دولة مهمة و على رأس أولويات السياسة الأميركية. و يمكن تحديد ملامح إستراتيجية ترامب الجديدة للأمن القومي فيما يخص تركيا عبر عدة نقاط هي ان تركيا حليفة للولايات المتحدة الأمريكية و بينهما مجموعة من الاتفاقيات و التحالفات الإستراتيجية،و من غير الممكن في الوقت الحالي حدوث أي مواجهة بينهما رغم وجود تناقضات بين الطرفين،و يسود علاقات الدولتين عدم الثقة مع استلام حزب العدالة و التنمية السلطة،لكن هذه العلاقة تتضررت بفعل أحداث و امور ربما تكون مفتعلة أحيانا، او هي نتيجة تفكير عقلية كل طرف على حدا.و ربما يمكننا القول إن علاقة الدولتين هي في أسوء مراحلها منذ تأسيس الجمهورية و حتى الأن.
هناك إختلاف جوهري بين الادارتين فيما يخص الأزمة السورية،و التي قد تكون مهمة بالنسبة لسلطة العدالة و التنمية،أكثر من أي مسالة أخرى،ما عدا ما يتعلق بالانقلاب الفاشل المزعوم. لأن سلطة AKP تعتقد أن النزاع في سوريا يخص سلطتها مباشرة،و أن كانت تتحجج بمسألة الأمن القومي .فدعمها منذ بداية الحراك السوري لمجموعات متطرفة كالنصرة و داعش،و محاولة تأسيس نظام تابع لتوجهات العدالة و التنمية في سوريا على أنقاض سلطة بشار الأسد المنهارة،أدخلت العلاقات الأميركية-تركية في مرحلة تسودها التوترو عدم الثقة . و لذلك فان اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية على وحدات حماية الشعب الكردية كانت أحدى أسبابها هي عدم الثقة بالمجموعات السورية المرتبطة بالعدالة و التنمية،و التي اثبتت إنها توابع لنصرة و داعش،و الذي زاد الشرخ أكثر هو التقرب الحاصل بين تركيا و روسيا و الذي يجد فيها إدارة ترامب انها تشكل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية.و لذلك فمن المرجح ان تستمر الولايات المتحدة الأمريكية بدعم قوات سوريا الديمقراطية و وحدات حماية الشعب التي تعتبرهم حكومة العدالة والتنمية ألد أعداءها،و هذا الدعم سيتخذ اشكال عديدة تخص التسليح و التدريب و الدعم اللوجستي و الأمني.و سيستمر بضغوطاتها على AKPفيما يتعلق بالتجاوزات المتعلقة بانتهاك العقوبات الاميركية على ايران و التي كانت سلطة العدالة والتنمية طرفا مباشرا فيها،بل إن أردوغان هو المتهم الأول في هذه القضية .
سيكون التنسيق بين الدولتين التركية و الأميركية في أدنى دراجاته بسوريا مع التقارب التركي الروسي.
و لن يسمح الولايات المتحدة الأمريكية لجيش التركي بمهاجمة مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية،و ان تغاضت في بعض الأحيان فإنها ستحاول جر تركيا إلى فخ أعدت لها مسبقا كمان الحال في عفرين .
فمنطقة عفرين و رغم ان الولايات المتحدة الأمريكية لا تتدخل في حمايتها بشكل مباشر،و لا تعارض اي هجوم من قبل الجيش التركي عليها بالعلن،لكنها ارسلت ترسانة ضخمة من الأسلحة بما فيها صواريخ مضادة لدروع و الدبابات إلى عفرين،و هو ما أعتبره البعض من المراقبيين بمثابة فخ لتركيا،و رغم التهديدات التي يمارسها أردوغان و سلطة العدالة والتنمية بشأن الهجوم على عفرين،ألا انها تظل مجرد دعائية إعلامية،لن يجرؤ سلطة العدالة والتنمية على اتخاذ قرار الهجوم لما لها مخاطر جسيمة و مدمرة .
باختصار أساليب و تقربات سلطة العدالة والتنمية في سوريا تفقد تركيا هيبتها،فكل خطوط الحمر التي رسمها أردوغان انتهكت،و كل الوعود و الكلام المعسول كانت مجرد أكاذيب و دعاية رخيصة، و قدم لروس و الإيرانيين من التنازلات ما لم يكن يتوقعه أي مراقب قبل الأن،بل وصل الأمر بسلطةAKP لقبول بنظام الأسد،و نسيان كل ما قاله قيادات AKP عنه و وصفه بالقاتل و المجرم و الدكتاتور و لا شرعي.
و في حال استمرار AKP بالسلطة فان تركيا قد تكون في يوم ما مثل ايران و كوريا الشمالية سلطة مارقة و ارهابية بنظر الولايات المتحدة الأمريكية.و تستخدم كل الوسائل للحد من نفوذها .فسلطة العدالة و التنمية ليس خطرا على الشعب سوري فقط،بل هي تشكل أكبر خطر لتركيا ككل،و هي اكبر تهديد قد تتسبب في تفتيت تركيا و ادخالها في نزاعات جانبية كما فعل نظام صدام حسين في العراق سابقا.و لكن هذه السلطة الدكتاتورية لن تستمر و هي ستسقط،كما سقطت كل الأنظمة الاستبدادية،بنضال القوى الديمقراطية في تركيا،لتصبح تركيا نموذجا للديمقراطية و التعايش السلمي و العدالة.

شارك هذا الموضوع على

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *