الجمعة, مارس 29, 2024
آراء

عبدالغني علي يحيى: الحفاظ على التوازن بين العرب وايران وراء مقتل صالح واستقالة البارزاني وتراجع الحريري

25d825b925d825a825d825af25d825a725d9258425d825ba25d9258625d9258a2b25d825b925d9258425d9258a2b25d9258a25d825ad25d9258a25d92589-2085791

فاجأ علي عبدالله صالح الرئيس اليمني السابق العالم لما انقلب على ايران والحوثيين ووجه فوهة بندقيته نحوهما واعلن توجهه نحو العرب، وجاء مقتله سريعاً ليشكل المفاجأة الثانية للعالم ونصراً لأيران ونكسة للعرب، ولو كان قد قدر النجاح لانقلابه لكان يجعل من التوازن الذي صنعه الغرب يختل لصالح العرب غير أن ارادة صناع التوازن وحمايته كانت الاقوى والاسرع وقتلت صالح من قبل ان يتمكن من ارساء الانقلاب والاخلال بالتوازن. ان سعي امريكا والغرب عموماً على استمرار الصراع المسلح بين العرب وايران وبالتالي بين الشيعة والسنة وايجاد توازن بين الجهتين المتخاصمتين لأدامة الصراع بحيث ان لا يكون هناك غالب أو مغلوب، هو ستراتيجية الولايات المتحدة منذ يوم تولي الامام الخميني للحكم في ايران والى يومنا هذا. وقبل التحرك السريع للغرب لوأد إنقلاب صالح المخل بالتوازن موضوع المقال، فان الاستفتاء على استقلال كردستان الذي اجري يوم 25-9-2017 وقضي عليه عسكرياً يوم 16-10-2017 عد ايضاً وفق الستراتيجية الامريكية ضاراً بالتوازن ومحبطاً له و مخلاً بالتوازن ولصالح العرب والسنة في المنطقة.لأن نجاحه – الاستفتاء – كان يؤدي حتماً الى اضعاف مشروع الهلال الشيعي وبالتالي اضعاف ايران وخططها. لذا لاغرابة ان نجد ايران وما يزال من اشد المناهضين لاستفتاء واستقلال كردستان الى درجة اعتبارها كردستان – اسرائيل ثانية – وهكذا فان الابقاء على وضع كردستان الحالي صار من مستلزمات بقاء التوازن بين العرب وايران، وطالما اتقفت مصالح الغرب عند بقاء هذا التوازن فان على الكرد ان يضيفوا شرط التوازن الى الشروط التقليدية المانعة لحريتهم واستقلالهم نزولاً عند مطلب الغرب في بقاء التوازن. وبين مقتل صالح ونكسة استفتاء كردستان أو استقالة البارزاني، كانت هناك استقالة الحريري التي كانت بدورها مفاجئة للعالم مثلما كان انقلاب صالح و مقتله مفاجئة له كما ذكرنا.وكان مفاجئة ايضاً عدول الحريري عن استقالته وعودته الى لبنان ، واقول لو كان الحريري مصراً على استقالته والمكوث في السعودية أو أي بلد اخر لكان بذلك يوجه ضربة قوية الى التوازن بين العرب وايران، غير ان امريكا وبفضل تراجع الحريري فانها استطاعت الحفاظ على التوازن وعدم تأثره باستقالة الحريري.
نعم هناك ارتباط بين نكسة الاستفتاء على استقلال كردستان جراء الحملة العسكرية العراقية وبمباركة ايرانية وامريكية على كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها. وبين مقتل علي عبدالله صالح وتراجع الحريري عن استقالته هناك ثمة قاسماً مشتركاً اعظم بين الاحداث الثلاثة تلك أ لا وهو التوازن وامريكا التي افشلت استفتاء كردستان وقتلت صالح وارغمت الحريري على التراجع كما سيتبين لنا لاحقا. لذا وتأسيساً على هذا الفهم فان الصراع العربي – الايراني و السني – الشيعي والكردي – العراقي سيطول لأجال من الصعب التنبؤ بنهايته اللهم الا بالغاء التوازن، واذا كانت امريكا المستفيد الاكبر من التوازن كما سنرى ايضا فان المتضرر الاكبر هم شعوب المنطقة في العراق وسوريا واليمن ولبنان و كردستان وحتى بقية الشعوب الاخرى بما فيها الشعوب الايرانية. وتفاوتت قسوة التوازن في الحالات الثلاث الاشد تلك التي انزلت بالكرد والبارزاني اللذان تعرضا ومازالا الى ضغط هائل فاق اغتيال صالح وثني الحريري حين اتحد التوازن مع الحقدين الشوفيين والطائفي وخيانه الطابور اللخامس الكردي للقضاء على شعب وقائده
ان الحرص الامريكي على التوازن قيد يكبل الشعوب في المنطقة ناهيكم من ان التوازن امر مخالف للتطور ويحول دون التقدم، ولنا من الامثلة الكثير على مضار ومخاطر التوازن. في عام 1988 حررت قوات البيشمركة الكردية قضاء حلبجة من الجيش العراقي، وكان من المتوقع ان تمتد التجرية الى الاقضية والمناطق الكردستانية الاخرى وربما الجنوبية الشيعية كذلك الا ان التوازن سرعان ما احبط تلك التجربة حين قام صدام حسين بقصف حلبجة بالغازات الكيمياوية الذي نجم عنه سقوط اكثر من 5000 شخص بين قتيل وجريح وبذلك تم قطع الطريق لتجربة تحرير حلبجة من الانتشار والوصول الى مناطق اخرى. والكل يشهد ان رد الفعل العراقي فاق الفعل (تحرير حلبجة) بمئات المرات وعلى اثر ذلك فر الالاف الى يران وتركيا وظل الخوف من السلاح الكيمياوي يلازم الكرد وتجلى ذلك في النزوح المليوني للكرد عام 1991 هرباً من احتمال لجوء صدام الى استخدام السلاح الكيماوي ضدهم وكذلك في عام 2003 عام اسقاط النظام العراقي. ان ابقاء التوازن بين العراق وايران وجعل الصراع متواصلاً بينهما هو الذي ادى الى قصف حلبجة بالكيمياوي والذي كان في المحصلة امريكيا توخى حماية التوازن بين ايران والعراق من الانهيار. ومن هذا الفهم اجزم ان ما حصل بحلبجة كان بأمر امريكي، ولو ابقي على تحرير حلبجة لكان التوازن انذاك يختل لصالح ايران وضد العراق الامر الذي لم تكن ترغبه امريكا.
من الاقوال المأثورة،( الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك) ان الحالات الثلاث التي قدمنا لها مقتل صالح واستقالة البارزاني وتراجع الحريري عن الاستقال واجهت جميعاً، وقبلها حلبجة ، السرعة في اتخاذ الاجراء المضاد فبعد فترة جد وجيزة سارع صدام حسين وقصف حلبجة بالكيمياوي وفي فترة وجيزة ايضاً سارع الحوثيون بقتل علي عبدالله صالح وقبل ان يقوم الرئيس مسعود البارزاني باعلان الاستقلال كتحصيل حاصل لتصويت 92% من الكرد عليه فان الحكومات: العراقية والايرانية والامريكية وبعد مرور 15 يوماً من التردد لاعلان لاستقلال كردستان ، هاجمت القوات العراقية كركوك وبسطت هيمتنها عليها بالقوة ، وهكذا بدلاً من أن يسارع الكرد لقطع الوقت باعلان كردستان تطبيقاً لنتائج الاستفتاء.فان الوقت قطعهم وان يقوم صالح بمغادرة صنعاء ويلتحق للفور باتحالف العربي، ويبتعد الحريري عن الضغوط لثنيه عن الاستقالة، نعم بدلاً من ان ينطلق هؤلاء سريعاً باتجاه نسف التوازن وضربه، رأينا كيف ان الحريص على ابقاء التوازن كان اسرع منهم وبادر الى توجيه ضربته القائلة اليهم. واستغرب جداً من اتهام ايران والعراق وحدهما باحتلال كركوك وتحييد امريكا التي تعد الاكثر دعماً للعراق وحتى في مسألة الاستفتاء، ولا اغالي اذا قلت، ان الحكومة العراقية في بقائها كل هذه الاعوام انما تستمد القوة والدعم من امريكا اكثر من ايران لذا ليس من الصحيح اتهام ايران وحدها بالتسبب في المأساة الكردية بل يجب توجيه الاتهام عينه الى امريكا ايضاً.
وهكذا فأنه بدلا من ان يسرع البارزاني باعلان الاستقلال وصالح بمغادرة صنعاء واعلان تحالفه مع السعودية فان المقابل كان اسرع ولم يحسب الضحية صاحب الحق المشروع حساباً للوقت. واستغرب كثيراً عند ذكر القوى التي احتلت كركوك اغفال بعضهم للمشاركة الامريكية في الاحتلال بل ووصف العراق ابداً كمستعمرة ايرانية في وقت لايقل دعم امريكا للعراق وحمايتها له عن دعم ايران وحمايتهم للعراق ، وعندي ان الفضل في بقاء الحكومة العراقية يعود الى امريكا أولاً بل واخرا، فلماذا تبرئة ساحة امريكا في سقوط كركوك بيد القوات العراقية؟
لقد كان الاولى بالكرد ان يعلنوا الاستقلال ساعة ظهور نتائج الاستفتاء بدل التريث الذي بدا وكأنه انتظار للقوات العراقية لتتقدم لأخماد الاستقلال ونتائج الاستفتاء.
رغم اعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن قتل واعدام الرئيس علي عبدالله صالح، ويقود ذلك لدى بعضهم الى القول ان لايران ضلع في اغتياله وبالتالي ان تكون لدى بعضهم الى القول ان لايران صنع في اغتياله وبالتالي ان تكون المتهمة في قتله واعدامه، رداً على هؤلاء اقول، صحيح ان ايران دولة تمارس الارهاب في المنطقة، الا انه لم يسبق لها وان اغتالت خصوماً لها من غير الايرانيين خارج حدودها، ولم تفكر في مطاردة خصومها من غير الايرانيين لاغتيالهم وقتلهم ، ففي الحرب العراقية الايرانية 1980 – 1988 لم ترد على قيام الملك حسين بقصف ايران بقذائف المدفعية واقدام شيوخ الخليج على تمويل حرب صدام عليها بالمال وو.. الخ والى يومنا هذا لم يسجل على ايران لجوأها الى تصفية الخصوم من غير الايرانيين مهما تمادوا في ابذائها، الا انها لا تتوانى عن قتل وتصفية معارضيها الايرانيين فهي التي اغتالت د. عبدالرحمن قاسملو وفيما بعد د. صادق شرف كندي القائدان السابقان للحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني، واغتالت العشرات من النشطاء الكرد الايرانيين في السليمانية وكويسنجق و قتلت شاهبور بختيار ونشطاء من مجاهدي خلق. كما قتلت ابو الحسن بني صدر الرئيس الايراني الاسبق في باريس وقبل اسابيع قتلت ناشطا عربيا من الاحواز في مدينة لاهاي الهولندية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *