الثلاثاء, أبريل 16, 2024

تنافس ايران وتركيا على نفط كردستان العراق يعيق حلم الانفصال

رئيسيمنبر التيارات السياسية (بيانات)

النّجف – مع قرب نهاية “داعش” في العراق، تحاول إيران وتركيا بسط نفوذهما الإقتصاديّ في حقل نفط الإقليم، الأمر الذي سيساعدهما في تمرير مشاريعهما السياسيّة في الإقليم.

أعلن وزير النّفط الايرانيّ بيجن زنكنة في اليوم الأوّل من عام 2017 عن قيامه بزيارة رسميّة للعراق الأسبوع المقبل للبحث في مشاريع تتعلّق بالتّعاون النفطيّ والغازيّ بين البلدين، وعلى رأسها مشروع مدّ أنبوب النّفط من محافظة السليمانيّة في شمال شرق العراق، وضمن حدود إقليم كرستان، إلى الأراضي الإيرانيّة.

وكانت إيران قدّمت في وقت سابق عرضاً إلى سلطات إقليم كردستان العراق لإنشاء أنبوب لنقل نفط الإقليم إلى الأسواق العالميّة عبر الأراضي الإيرانيّة، إسوة بالخطّ التركيّ القائم حاليّاً بين الإقليم وميناء جيهان التركيّ. ومن شأن هذا المشروع أن ينهي السلطة شبه الكاملة للحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ بزعامة رئيس الإقليم مسعود البرزاني في تصدير نفط الإقليم عبر تركيا التي تربطها علاقات استراتيجيّة حميمة مع حزبه.

وفي هذا السياق، قال ممثّل إقليم كردستان في طهران ناظم دبّاغ لشبكة “رووداو” الإعلاميّة: “إنّ الزيارة تأتي في إطار محاولات إيران ربط نفط كركوك وإقليم كردستان وعموم العراق بإيران، لكي يتمّ تصديره من خلال أراضيها”.

ويعدّ موضوع نفط إقليم كردستان من المواضيع الخلافيّة الأساسيّة بين الإقليم وبغداد من جهة، وبين الأحزاب الكرديّة من جهة أخرى، فبينما يستغلّ الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ برئاسة البرزاني والمسيطر على حكومة الإقليم في إربيل ثروات النّفط والغاز لتمرير مشروعه الانفصاليّ، تعارض أحزاب أخرى ذلك لتخوّفها من أن يؤدّي الاستقلال إلى سيطرة حزب البرزاني على الثروات الكرديّة، وبالنتيجة احتكار السلطة في الإقليم لنفسه وحزبه.

وأدّت الخلافات الكرديّة، وعلى رأسها ملف تصدير النّفط، إلى طرح فكرة تقسيم إقليم كردستان، على أن يتمّ إعلان إقليم كرديّ آخر يضمّ السليمانيّة وحلبجة وكركوك وخانقين، ممّا يعني في حال وقوعه تبديل سلطة البرزاني إلى مقاطعة صغيرة بلا تأثير.

تتعامل حكومة الإقليم مع ملف النّفط والغاز بشكل موضوع داخليّ يخصّ الأكراد، ولا يرتبط ببغداد، فهي تعقد مؤتمرات دوليّة تدعو إلى الاستثمار الدوليّ فيه وتجري عقوداً مع شركات من دون علم بغداد. لقد انعقد المؤتمر السادس لنفط وغاز إقليم كردستان بـ5 كانون الأوّل/ديسمبر الماضي في لندن برعاية الإقليم وبمشاركة مسؤولين أكراد، منهم وزير الثروات الطبيعيّة آشتي هورامي وعدد كبير من ممثّلي الشركات العالميّة النفطيّة. واعتبر المؤتمر أكبر إجتماع دوليّ يقام حول قطاع نفط الإقليم وغازه.

وتستغلّ تركيا علاقتها الاستراتيجيّة مع حزب البرزاني في الحصول على مزايا نفطيّة. لقد وفّرت تركيا إمكانيّة تصدير النّفط العراقيّ في إقليم كردستان عبر أراضيها، هذا في ظلّ عدم وجود قوانين وإتفاقيّات متّفق عليها من قبل بغداد وإربيل حول ذلك. ويؤكّد الدستور العراقيّ في المادّة 111 أنّ “النّفط والغاز هو ملك كلّ الشعب العراقيّ في كلّ الأقاليم والمحافظات”.

ونشر موقع “ويكيليكس” وثائق سريّة في كانون الأوّل/ديسمبر الماضي عن وجود صفقة بين حكومة الإقليم وتركيا لبيع حقول نفطيّة في إقليم كردستان إلى تركيا مقابل 5 ملايين دولار. وأكّد القياديّ في حزب البرزاني محسن السعدون في 29 كانون الأوّل/ديسمبر خلال حديث مع وكالة “البغداديّة” أنّ “وزير الثروات والموارد الطبيعيّة في كردستان آشتي هورامي سبق أن اقترح على وزير الطاقة التركيّ بيرت بيرق بيع عدد من الحقول النفطيّة في الإقليم، لتسديد ديون وحلّ الأزمة الماليّة التي تضرب حكومة إربيل”، لكنّ الصفقة لم تبرم حسب كلام محسن السعدون.

وألزمت ميزانيّة عام 2017 المصوّت عليها في 7 كانون الأوّل/ديسمبر إقليم كردستان بتصدير 550 ألف برميل يوميّاً من نفط حقول الإقليم ونفط محافظة كركوك عبر شركة سومو الوطنيّة (State Oil Marketing Organization) حصراً، وتسلّم الإيرادات إلى الخزينة العامّة الإتحاديّة، ولكن اتّهم رئيس الوزراء العراقيّ حيدر العبادي في 3 كانون الثاني/يناير حكومة الإقليم بتصدير حجم أكبر من المخصّصات النفطيّة عبر تركيا من دون علم بغداد، ممّا أدّى بالعراق إلى أن يخالف التزاماته في منظّمة “أوبك” بخفض الإنتاج بمقدار 200،000 برميل يوميّاً. وصدّر الإقليم خلال تشرين الثاني/نوفمبر الماضي فقط 587,646 برميلاً يوميّاً عبر تركيا من دون أيّ تنسيق مع بغداد.

ويعدّ موضوع العلاقة الاستراتيجيّة بين تركيا وحزب البرزاني مثيراً للنقاش من قبل الأحزاب المعارضة لحزب البرزاني، وتحديداً “الإتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ” و”حركة التغيير”، إذ طالبت النائبة عن “التغيير” سروة عبد الواحد في 25 أيلول/سبتمبر الماضي “حكومة الإقليم” بالعودة إلى أحضان العراق، بدل اللّجوء إلى تركيا، وقالت: “إنّ حكومة الإقليم جرّبت تركيا في الفترة السابقة ولم تنفعها بشيء”.

وصرّحت سروة عبد الواحد في كانون الأوّل/ديسمبر الماضي أنّ كلّ التعاملات الماليّة والتجاريّة تحت إشراف رئاسة الإقليم البرزاني بما فيها التعاملات النفطيّة غير شفّافة. وكان رئيس كتلة “التغيير” النيابيّة هوشيار عبد الله اتّهم الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ بزعامة البرزاني في وقت سابق بتصدير مليون برميل نفط يوميّاً عبر تركيا من دون معرفة أين تذهب أموال ذلك النفط.

كما أنّ القياديّة في الإتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ هيرو أحمد بعثت برسالة إلى حيدر العبادي في أيلول/سبتمبر الماضي تطالب فيها بمنع الإقليم من تصدير النفط بسبب عدم اتّباع “مبادئ الشفافيّة والعدالة في مجمل العمليّة النفطيّة في الإقليم”.

أمّا النائب عن الإتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ ورئيس لجنة النّفط والطاقة البرلمانيّة آريز عبد الله فاتّهم في شباط/فبراير من العام الماضي حزب البرزاني بتصدير 400 ألف برميل من نفط كركوك لحسابه وتسليمه فقط 20 ألف برميل لخزينة الحكومة.

والحال هي أنّ موضوع نفط الإقليم سيبقى ورقة في يدّ بغداد وطهران وأنقرة لتمرير مشاريعها في الإقليم، ممّا يعني أن يكون عائقاً أساسيّاً لمشروع استقلال كردستان في حال عدم توصّل الأطراف الكرديّة إلى إتّفاق شفّاف وعادل بخصوصه.

“المونيتور”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *