الجمعة, أبريل 19, 2024

بنكي حاجو: الدستور السوري ومصداقية المعارضات

آراء

تقريبا كل المعارضات السورية وعلى اشكالها من داخلية وخارجية ترفض كتابة دستور جديد لسوريا المستقبل لا بل ترفض حتى مجرد المناقشة في هذا المجال كما ذكرنا في احاديث سابقة .
من بين ما تتذرع به المعارضات في رفضها لمناقشة او صياغة دستور جديد قبل الحل السياسي او سقوط النظام هو الادعاء بالتدخل الاجنبي في تقديم مشاريع مسودات دساتير .
وما هو المانع في الاستفادة من كل المقترحات سواء كانت محلية او اقليمية او اجنبية ؟ وبدلا من الدخول في تفاصيل زيف هذا الادعاء سوف آتي بمثال من التاريخ السوري لعام 1950 حيث تم الاستفادة من الدساتير الاجنبية بعد انقلاب العقيد اديب الشيشكلي و كان السيد هاشم الاتاسي رئيسا للجمهوية حينها .
في الكتاب العائد للسيد عبدالله فكري الخاني والذي يحمل العنوان ــ سورية بين الحكم الديمقراطي والحكم الفردي 1948 ــ 1958 من منشورات دار النفائس لعام 2004 وفي الصفحة 93 وتحت عنوان الجمعية التأسيسية والدستور الجديد نجد الآتي ــ
انتخب السيد رشدي الكيخيا ، رئيس حزب الشعب ، رئيسا للجمعية التأسيسية بعد ان استقاال من وزارة الداخلية . درس اعضاء الجمعية التأسيسية دساتير الدول العربية والاجنبية لأخذ ما يمكن الافادة منه للعهد الجديد ــ يقصد عهد انقلاب العقيد اديب الشيشكلي ــ في سورية . وفي غياب الحزب الوطني الذي قاطع الانتخابات , فان الهدف الاول لأعضاء الجمعية التاسيسية كان ايجاد دستور يسلب رئيس الجمهورية كل الصلاحيات ، خشية عودة الرئيس شكري القوتلي الى الحكم ، فأخذوا بأكثر مواد الدستور الفرنسي للجمهورية الرابعة ، حيث رئيس الجمهورية يرمز ولا يحكم…….مثل ملكة بريطانيا . انتهى الاقتباس .
الخاني عمل في الامانة العامة لرئاسة الجمهورية لمدة عشرة اعوام 1948 ــ 1958
قد يقول البعض بأن حزب الشعب كان هو الطاغي على المجلس وان الدستور جاء على مقاسهم . هذا صحيح الى حد ما بالاضافة الى الخوف من العقيد الشيشكلي قائد الانقلاب العسكري .
ولكن من يعلم كيف ستكون تركيبة المجلس التأسيسي القادم ؟ هل ستكون بأيدي قوى مسلحة تفرض سطوتها ؟ هنا بيت القصيد اذ ان الجميع يتهرب من صياغة مسودة دستور حيث يظن كل طرف ــ لاسيما الاطراف المسلحة ــ انه هو الذي سوف يحصل على الاكثرية في مجلس تاـسيسي قادم وسوف يسطر دستورا حسب اهوائه .
اعضاء المجلس التاسيسي المذكور آنفا هم الجيل ــ جيل الاستقلال ــ الذي خرج حديثا من تحت نير الاستعمار وهم الذين طردوا الاجنبي ولكن لم يتوانو لحظة واحدة من الافادة من الدساتير الاجنبية بل حتى الافادة من دستور المستعمر الفرنسي بالذات عندما رأوا ان مصلحة الوطن تتطلب ذلك .
لست ادري فيما اذا كان هناك من يدعي من المعارضات الحالية بانهم اكثر وطنية من جيل الاستقلال ؟.
من هنا تأتي مشكلة عدم المصداقية للمعارضات التي تتذرع بالتدخل الاجنبي في صياغة الدستور قبل الحل .
جماعة الاخوان المسلمين يريدون دولة تحت سيادة وقوانين الشريعة الاسلامية .
العروبيون يريدون دولة قومية والهدف هو تحرير فلسطين وتوحيد الامة العربية من المحيط الى الخليج رافضين كل انواع اللامركزية او الفيدرالية .
بقايا اليسار والشيوعية لا يقبلون الا بالدولة العلمانية الاشتراكية الجماهيرية العظمى اي بالضد تماما من الاخوان .
الكرد يريدون دولة فيدرالية .
الخلافات عميقة بين المعارضات وهذا امر طبيعي .
تأجيل صياغة دستور الى مرحلة مابعد النظام يعني نقل كل الخلافات الآنفة الذكر بين الاطراف لتكون لاحقا ارضية خصبة للصراع والاقتتال مستقبلا وربما اشرس مما يحدث الآن .
يبدو ان معظم الاطراف الرافضة للدستور تتربص ببعضها البعض حيث يظن كل طرف انه هو الذي سوف سيحصل على الاكثرية وقيادة مرحلة مابعد سقوط النظام وبالتالي صياغة دستور على المقاس .
ان صياغة دستور جديد الآن اي قبل الحل السياسي او سقوط النظام سيكون ضمانا للاتفاق والوفاق مستقبلا اما التأجيل سوف يكون سببا للتآمر و النفاق والشقاق والاقتتال والدماء والدمار ………..
الاتفاق على دستور الآن سوف يسهل الوصول الى الحل السلمي ايضا .
19 آذار 2016
بنكي حاجو
كاتب كردي
bengi.hajo48@gmail.com

شارك هذا الموضوع على

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *