السبت, أبريل 20, 2024

بيار روباري: هل يذهب غرب كردستان ضحية صراع حزب العمال مع تركيا

آراء

إن الصراع على غرب كردستان متعدد الأوجه، وأحد هذه الأوجه هو الصراع بين حزب العمال الكردستاني وتركيا. وصراع حزب العمال مع الدولة التركية الطوانية، له شق كردي، ويتمثل هذا الشق في مشيخة البرزاني، المرتبطة بتركيا من عنقها وقدميها. والسؤال، هل يضحي قنديل بغرب كردستان وكل ما حققه الكرد في هذا الجزء من وطنهم من إنجازات هامة، في سبيل الحفاظ على مستقبله ووجوده؟ ولتوضيح الأمر قليلآ، لا بد من القاء نظرة سريعة على العلاقة بين كل من (ب ي د) وقيادة قنديل.

لا يختلف إثنان على أن علاقة حزب الإتحاد الديمقراطي، بحزب العمال الكردستاني، علاقة تبعية، والقرار المركزي هو بيد قيادة قنديل. وهذا ما تدركه كافة القوى الإقليمية والدولية والكردستانية جيدآ. ومن الصعب جدآ إبعاد (ب ي د) عن (ب ك ك)، لأسباب كثيرة منها:
– إرتباط أعضاء ومناصري حزب الإتحاد الديمقراطي بزعيم حزب العمال الكردستاني اوجلان فكريآ ووجدانيآ.
– تحكم حزب العمال بمفاصل الحكم بغرب كردستان، من خلال فرض العناصر لموالية له، داخل المؤسسسة العسكرية والأمنية، والتنظيمية.
– السيطرة على المال والإعلام، والجهاز التربوي والمناهج الدراسية.
– تعامل حزب العمال مع أبناء غرب كردستان، كقاصرين. وهذا عائد لكون مؤسسي هذا الحزب الشمولي جميعهم من شمالي كردستان.
– رغبة النظام السوري، بسيطرة حزب العمال على غرب كردستان، بهدف الضغط على تركيا وحليفها البرزاني.

إن حزب العمال الكردستاني، ونتيجة لنهجه القديم، وإسلوب حربه ضد الدولة، الذي عفى عنه الزمن، وربط مصير إمة بكاملها بمصير شخص، وصل إلى مأذق مسدود. ولم ينقذه تغير اسم الحزب، وتغير بعض أفكاره، وتخليه عن حرية الشعب الكردي، وإستقلال كردستان. ولم يستطيع إقناع أكثرية الكرد بشمال كردستان بأفكاره وسياسته، وفشل في تحرير قرية واحدة، ولهذا وجد ضالته في غرب كردستان، الذي ساعدته الظروف بالسيطرة عليه، والإستفراد بالسلطة. وهذا ما أخاف تركيا وأزعجها، فحاولت في البدء إبعاد حزب صالح مسلم عن قنديل، ولهذا دعته لأنقرة مرات عدة بهدف إقناعه بذلك، ولكنها فشلت في ذلك، ومنذ تلك اللحظة، أخذت تدعم خصوم الكرد في سوريا، حتى وصل الأمر بها، أن تتدخل بنفسها لمقاتلة الكرد، بعد فشل التنظيمات الموالية لها، في منع التمدد الكردي وتشكيل كيان خاص بهم.

تركيا تدرك جيدآ، إن سيطرة حزب العمال على 85% من الشريط الحدودي مع سوريا يضعها في موقف محرج وضعيف جدآ، وهذا الوضع يمنح الحزب المذكور قوة وإمانية كبيرة للوقوف في وجه تركيا في الداخل، ولهذا حرضت رجلها البرزاني لخلق مشاكل لحزب العمال منافسه وخصمه اللدود على الساحة الكردستانية، عبر التنظيمات الكردية الموالية له في غرب كردستان. ولكن كل ذلك باء بالفشل، وكان لا بد للأتراك أن يحتلوا مدينة جرابلس والباب عسكريآ بالتواطئ مع الدب الروسي والحمار الأمريكي، لعرقلة المشروع الكردي، ألا وهو توحيد غرب كردستان جغرافيآ، وإقامة كيان فدرالي.

إن أراد حزب العمال الكردستاني، المحافظة على ما أنجزه الكرد في غرب كردستان، عليه تغير سلوكه، وترك الكرد السوريين أن يقرروا ما يرونه مناسبآ لهم، ضمن الإطار السوري، وهذا يصب في مصلحة حزب العمال والقضية الكردية في شمال كردستان بكل تأكيد. ماذا يعني هذا الكلام عمليآ؟
هذا الكلام يعني، أن يخرج حزب العمال غرب كردستان من إطار صراعه مع تركيا، ويتم فصل عملاني بين (ب ي د) و (ب ك ك)، وهذا هو الخيار الأفضل والأنفع للكرد على جانبي الحدود. لأن القوى الدولية والإقليمية غير مستعدة إلى اليوم منح الكرد دولة مستقلة في شمال سوريا، وخاصة إذا كان كانت تحت وصاية حزب العمال، المرفوض أوروبيآ وأمريكيآ. ولن يسمحوا لهذا الحزب يأخذ من غرب كردستان كحديقة خلفية له، والإنطلاق منها لتنفيذ هجمات داخل تركيا.

ولهذا سمح الغرب وروسيا للأتراك بإحتلال المنطقة الواقعة بين جرابلس والباب، بهدف منع الكرد من السيطرة الكاملة على الشريط الحدودي مع تركيا، ولنفس الأسباب أيضآ إمتنعت أمريكا عن حماية مقاطعة عفرين، وإلتزامت الصمت هي وروسيا تجاه القصف التركي الإجرامي لمواقع القوات الكردية قبل عدة أيام.

فإن أراد الكرد أن يتمتعوا بمنطقة حكم ذاتي قابلة للحياة، فهذا بحاجة لدعم وحماية خارجية، وتحديدآ من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يعني على حزب العمال أن يتكيف مع سياسة واشنطن في المنطقة، وعدم تعريض مصالحها مع تركيا للخطر، وبل يطلب من الإدارة الأمريكية، التوسط بينه وبين الحكومة التركية، من أجل العودة للمسار السلمي، والبدء بمفاوضات جدية لأجل حل القضية الكردية في تركيا حلآ سلميآ.

وهنا لا من الإشارة إلى الموقف الروسي من هذا الشأن، فالروس همهم الأول والأخير هو المحافظة على نظام الأسد، وتمكينه من السيطرة على المناطق الإخرة، التي مازالت خارج سيطرة نظامه لحد الأن. ولهذا لا يمكن الوثوق بالطرف الروسي والإعتماد عليه. كما يجب على السياسيين الكرد، أن يدركوا بأن الدول الكبرى وخاصة دولة مثل أمريكا لها اولوياتها في المنطقة، ولا تشغلها الحقوق القومية للكرد، وإن كانت مشروعة. فعلينا نحن أن نتكيف مع السياسة الأمريكية، ونستفيد منها قدر الإمكان، وخاصة مع تلاقي مصلحتها مع المصلحة الكردية، في محاربة الإرهاب في سوريا.

ويبقى السؤال، أي النهجين سيتبعهما حزب العمال الكردستاني؟ المستقبل كفيل بالإجابة على التساؤل، ودعونا ننتظر لنرى. والسؤال الأخر، هل ستقبل تركيا بكيان كردي على حدودها الجنوبية، في حال كسر هيمنة حزب العمال الكردستاني عليه، وإعادة هيكلة قوات سوريا الديمقراطية، والسماح للأحزاب والقوى السياسية الكردية الإخرى، بالمشاركة في الحياة السياسية؟ أنا شخصيآ لدي شكوك عميقة حول ذلك، لأن مشكلة تركيا ليست مع هذا الفصيل الكردي أو ذاك، وإنما مع الشعب الكردي، الذي ترفض تركيا حتى الأن الإعتراف بوجوده كشعب، له حقوق قومية وسياسية وفق جميع الشرائع والقوانين.

06 – 05 – 2017

شارك هذا الموضوع على

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *