السبت, أبريل 20, 2024

ريم ربّاط: كعادتي …

القسم الثقافي
25d825b125d9258a25d925852b25d825b125d825a825d825a725d825b7-2331459
كذبتُ عليكَ ، ليست كذبةً سوداءَ و لا حتّى بيضاءَ ، فأنا لم أعدْ أميّزُ الألوانَ .
لا أخفي عنكَ … كنتُ أودّ إخباركَ الحقيقة ، لكنّني تراجعتُ في اللحظة الأخيرة عندما رأيتُ فرحتكَ باقتناعكَ أنّكَ الحبُّ الأوّلُ في حياتي .
أعتذرُ منكَ ، لم تكن حبّيَ الأوّلَ !
فأنا
لم أستطع إخباركَ بأنّني أحببتُ ثلاثة رجالٍ من قبلك ، لأنّهم جميعاً أمواتٌ ، اعتقدتُ أنّكَ قد تظنّ أنّني السّببُ في موتهم فتخشى على نفسكَ منّي و تبتعدَ عنّي

لم أعرف كيف سأخبركَ أنّه كانت تربطني علاقة غريبةٌ من نوعها مع أبي العلاء المعرّي ، فهو من الأشخاص النّادرين الذين جمَعتني بهم الميول و الأهواء نفسها ، كان الشّبه لا يُصدّق بيني و بينه ، كم تشابهتْ وجهاتُ نظرنا في أمور هذا العالم الفاني !
شاركتُه طعامه و عزلتهُ ، عشقتُ تفكيره و فلسفتهُ
عندما كنتُ أنظرُ في عينَيه اللتين تشعّان نوراً و حكمةً … كنتُ أرى نفسي .
سأخبركَ سرّاً : لم يكن أبو العلاء أعمى كما هو مُشاعٌ عنه !
فهو أكّد لي مراراً أنّه يراني !

أعتذرُ منكَ ، لم تكنْ حبّيَ الأوّلَ !
عندما حاولتُ إخباركَ عن عشقي الثّاني
خانتني الكلماتُ و التّعابيرُ ، فالذي كان بينَ جبران خليل جبران و بيني لم يقوَ أحدٌ على فهمه و تصديقه ، كانت علاقتنا كعلاقة خالقٍ بمخلوقه ، عندما كنتُ أضعُ يدي في يديه و نجوبُ معاً في قلب الطّبيعة في بلدته “بشرّي”كنتُ أشعر أنّني أتجوّل في النّعيم ، كنّا نعتقد أنّنا روحٌ واحدةٌ تعيش في جسدين ،
معه…كانت السّكينةُ تحطّ رحالها في صدري ،
آه نسيتُ أنْ أخبركَ :
لقد تركتُ بلدي و أهلي و بيتي و تبعتُ جبرانَ حبيبي

أعتذرُ منكَ ، لم تكنْ حبّيَ الأوّل َ!
فأنا أشكّ لا بل متأكّدةٌ أنّكَ لن تصدّق أنّني التقيتُ العظيم محمّد الماغوط ، نعم لقد التقيته
و تبادلنا الأحلامَ و الأحزانَ !
يا له من رجلٍ لا يُنسَى ، لقد تركَ بصمةً على روحي ، لقد استطاع الوصولَ إلى مكان لم يصله أحدٌ قبله في وجداني ، أحببتُ ذلك الرّجل و عشقتُ سخريّته التي لم تنجم سوى عن أحزانٍ عميقةٍ مدفونة في قعر الرّوحِ…
عندما كنّا نجلس معاً كنتُ أنا كالحفّارة الآلية
أحاول التّنقيبَ عميقاً في نفس ذلكَ الرّجل ولم أكن أستخرجُ سوى اللؤلؤَ المكنونَ
كيف لي ألّا أعشقَ الماغوط ؟!

أعتذرُ منكَ ، لم تكن حبّيَ الأوّل
لأنّكَ … حبّي الأوحد
نعم ، لقد أحببتُ ثلاثةَ رجالٍ من قَبلكَ
جميعهم خيالٌ و أنتَ وحدكَ الحقيقة
جميعهم أمواتٌ و أنتَ … أنتَ وحدكَ مَن أحبُّ من الأحياءِ في هذه المسكونة

شارك هذا الموضوع على

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *